الجمعة، 12 أكتوبر 2012

اَلان غريش في القهوة التونسية بنواكشوط


أنا مع اَلان غريش من تصوير صديقي @bHourma 

اَلان غريش في القهوة التونسية بنواكشوط

كان جو القهوة التونسية في نواكشوط "قهوة رؤوف"مختلفا واستثنائيا، حيث خفت صوت لاعبي الورق وأخذت "الشيشة " مكانا قصيا في القهوة استحياء وترحيباً بضيف شباب القهوة متعدد الثقافات ومتنوع المشارب الصحفي الفرنسي المعروف " اَلان جريش"، الذي حضر الى القهوة تلبية لدعوة من ملتقى 21 أغسطس، وجاء ضيف القهوة بزي بسيط ووجه بشوش جاهز لحوار الشباب الموريتاني حول قضية "الاسلام والغرب بعد الربيع العربي".

 بدأ كلامه بالتأكيد على ضرورة الفصل بين الشعوب والحكام في العالمين الغربي والعربي وكذلك بعدم أخذ الشعوب الغربية على أنها تشكيل واحد ونفس الشيء ينطبق على المسلمين لتنوعهم، فمثلا هناك السنة والشيعة وعدة طوائف أخرى.. فيهم المتطرف والمتسامح، فالاندنوسي يختلف عن المصري والسنغالي يختلف عن المغربي، والأمر ينطبق كذلك على الغربيين، فيوجد العنصري والمتعصب والمحب للاَخر، فهناك منظمات غربية دعمت شعبا مثل الشعب الفلسطينى أكثر من دعم الحكام العرب له.

وقال أيضا: " لا يمكن فهم العالم على أنه اختلاف ديني، فالمسيحية مثلا في فرنسا لم تعد لها تأثير كبير، وفي سياق متصل قال" جريش "هناك قعلا فوبيا من الإسلام في الدول الغربية، والمستغرب أن الكثير من اليساريين هم في طليعة المروجين لها، فمثلا تخندقوا ضدي مع اليمينيين حين أدليت بآراء منصفة للمسلمين"، قال كذلك أنه لاحظ أن مروجي هذه الفوبيا يخافون كل الخوف من نموذج المسلم الذي يقدمه "طارق رمضان"، كونه يقدم إنسانا مندمجا في المجتمع يتحدث بلغة الغرب.

قال كذلك أنه ضد الرسوم المسيئة لكن لا يشجع الركون إلى قوانين تقوض حرية التعبير فمثلا هو يصدق "الهلوكوست" لكنه ضد أن يجرم من يكذبها.

وأكد  "اَلان جريش" أن العالم العربي تغير تغيرا جذريا بعد الربيع العربي، فالمواطن قرر أن يثور لكرامته وأن يأخذ حقه ولن يعود إلى الوراء، فالربيع العربي كان بحثا عن الكرامة و "البوعزيزي "يمثل هذا الربيع، فلم يكن سياسيا أيضا يمكن القول أن الربيع العربي أدخل العرب المنظومة العالمية بعد أن كانوا خارجها لفترة من الزمن، فتأثيرات الربيع العربي وصلت كل الأقطار في العالم من أمريكا إلى أوربا، مضيفا أنه متفائل جدا لمستقبل العالم العربي وذلك لتفاؤله بهذا الجيل الذي قاد ربيعه ...أيضا الربيع العربي جدد الثقة في ما يعرف بالوطن العربي فأثبت أن ما يحدث في تونس يؤثر في مصر وما يحدث في مصر يمس لييبا فالعالم العربي وحدة مترابطة ...

وتطرق جريش لنتائج الربيع العربي وخاصة وصول الإسلاميين متمثلين في" الإخوان المسلمين " إلى الحكم، حيث قال:"من الجيد وصول الإخوان الى الحكم في تونس ومصر حتى يوضعوا على المحك وينتقلوا من المعارضة إلى ممارسة المهام والحكم فهم في زمن معارضتهم كانوا يحملون شعارات سهلة تهيج عواطف الناس مثل " الاسلام هو الحل" لكن هذه الشعار رغم أنه يهيج عواطف الناس إلا أنه لايمكن أن تخلق به نهضة ،فالإخوان لا يمتلكون مشروعا للحكم ولا يملكون جوابا للكثير من الأسئلة والقضايا الاقتصادية والاجتماعية المطروحة في العالم العربي اليوم".

 

وقال:" الإخوان مثلا في الانتخابات التشريعية حصلوا على 11 مليون صوت من المصريين أما مرشحهم مرسي فلم يحصل إلا على 5 ملايين صوت في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، وهذا دليل على تراجع شعبيتهم بعد وصولهم للحكم".

 

و أكد أنه لا يخاف من أخونة الدولة المصرية ففي دولة القانون والمؤسسات وفي ظل الديمقراطية والشعب الثائر لا يمكن للإخوان أن يقوموا بما يحلوا لهم من دون إرادة الشعب، وحتى ولو كان شفيق نجح ما كان بإمكانه أن يرجع النظام القديم فالشعب تغير وعناصر المعادلة تبدلت فالشعب هو سيد الموقف الاَن.

وتحدث "غريش "عن معضلة القوميين واليساريين وعدم استطاعتهم إقناع الشارع ، حيث قال: "مشكلة اليساريين والقوميين أنهم لا يمتلكون رؤية واقعية للوضع القائم في بلدانهم، ويختصرون القضية في الصراع مع الإخوان". وأضاف:" رغم إعجابي بجمال عبد الناصر وتجربته إلا أنها فشلت في النهاية والتاريخ لا يعود إلى الوراء، فمثلا كان باستطاعة عبد الناصر أن يأمم قناة السويس ويفعل الكثير، لكن في ظروفنا اليوم لا يمكن أن يعمل النظام خارج المنظومة الدولية ويعيد ما فعله عبد الناصر"، وقال أيضا أن العرب سيصنعون تجربتهم الديمقراطية الخاصة التي تليق بهم وبنضالهم ..

وأبدى غريش تأسفا على الوضع في سوريا وقال أنه لا يجد جوابا لسؤال مالحل في سوريا؟ .إلا أنه يؤكد على أن التدخل العسكري الغربي لن يكون إلا ضاراً بسوريا وشعبها.

وأكد غريش على أنه على الحركات التغييرية في العالم من كل أقطاره محاولة التلاقي وخلق حوار بين الشعوب التواقة للحرية والكرامة .

طالب كذلك" غريش " الحركات الشعبية في الغرب مواصلة دعم الحراك الديمقراطي في الوطن العربي.

وبعد حوار شيق غادرنا" ألان غريش "، حوار مع شخص يتضح فيه وسع الباع والثافة وتنوع المشارب... شخص تتصارع في تكوينه منذ الطفولة مجموعة من التقاليد والأعراق والأديان المختلفة، فهو ابن لرجل قبطي وأم يهودية وعاش حياته في أحضان بلد الأنوار فرنسا، وعرف بمعاداته للعولمة ومناصرته للقضايا العادلة وخاصة للقضية الفلسطينية.

وبعد مغادرته لنا، تذكرت صديق لي قام يصرخ ذالك يوم في القهوة بعد أن أزعجه أحد زبنائها وقال للأسف كان رواد المقاهي في فرنسا فلان وفلا ن وفي موريتانيا هكذا أوباش هم روادها .. وأردت أن أخبره الاَن أن "اَلان غريش" زار قهوة "رؤوف".


القهوة التونسية بنواكشوط مساء يوم الجمعة  12-10-2012 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق